"الكلمة بين فضاءات الحرية وحدود المساءلة"
يعرض جناح المركز الثقافي العربي بمعرض مسقط الدولي للكتاب، هذه الأيام ؛ كتاب "الكلمة بين فضاءات الحرية وحدود المساءلة" على الوعد الذي قطعه منظمو الندوة الوطنية المعروفة والتي حملت ذات الاسم، وعقدتها الجمعية يومي 18/19 من إبريل 2009م. وذلك لتسليط الضوء على أهم التحديات التي تقف حجر عثرة في سبيل تحقيق حرية التعبير كسلوك وممارسة في حياة الإنسان العماني.
وتأتي فكرة توثيق مداولات وحوارات هذه الندوة في كتاب - كما جاء في مقدمة الكتاب الذي يقع في 232 صفحة من القطع المتوسط - "امتداداً لهدف ذي بعد ممتد الأثر والتأثير، تسعى إليه الجمعية بصدق، وهو توفير أدبيات متصلة لكل اللقاءات الثقافية، والفكرية، والتي شكلت، وستشكل انعطافة مفصلية في حياة المجتمع، ناهيك عن المساهمة في مد يد العون لكل باحث جاد مهتم بأية موضوعة أتت عليها الندوة بالنقاش والطرح. كما يؤكد هذا الجهد، على جدية الجمعية في مواصلة المسير بتنظيم ندوات مشابهة ومتصلة الأفكار مع تلك الندوة، لخلق ذاك التغيير العضوي، المُميِز لكثير من المجتمعات الحرة والمتقدمة.
وفي بلد كعُمان، ظل موضوع"الحرية" عموما، و"حرية التعبير" على وجه التحديد موضوعا ملتبسا وإشكاليا. حيث الدولة /الحكومة مارست طوال أربعة عقود فهمها الخاص في إدارة المجتمع، وتوجيه طاقاته البشرية والطبيعية إلى تحقيق أهداف ، تهتم في المقام الأول بتعليم البشر، وتوفير العيش الكريم، علاجا لما اُبتلى به الإنسان العماني من حرمان ونقص في الخدمات والرعاية من قبل الدولة في الفترة التي سبقت العام 1970م.
لذا فإن ذلك الاجتهاد في فهم التنمية، وعلى طوال المدة الذي نفذ فيها، رغم ما حققه من نقلات حضارية على مستويات عدة لا يمكن إنكارها، ولّد مطالبات نابعة من صميم الداخل العماني، مفادها أن لا سبيل للمحافظة على ما أنجز إلا بتعزيز الحريات،والسماح للمواطن بأن يمارس حقوق مواطنته، والتي من ضمنها : حقه في التعبير عن رأيه، في كل جهد يقدم خدمة للوطن، سواء من قبل الحكومة، أو المواطنين؛ فرادى أو على شكل مؤسسات مدنية. إضافة إلى تعزيز الحكم الديمقراطي، القائم على الشراكة السياسية الفاعلة،من جميع الأطراف المشكلة للدولة والمجتمع. وهو ما يسنده دستور البلاد" النظامُ الأساسيُّ للدولة"، وبخاصة المادتين (29) و(31) منه، حيثُ كَفَلت الأولى حريةَ الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير المختلفة، وأشارت الثانية صراحةً إلى أنَّ حرية الصحافة والطباعة والنشر صنو لكرامة الإنسان وحقوقه".
في مناخ كهذا، تنشط، عادةً، مؤسسات المجتمع المدني، الحرة والمستقلة، وتجتهد بكل ما أوتيت من قوة لتأصيل حراك مدني دائب، يوظف المتحقق من مكتسبات، ويسعى إلى المزيد من الإنجازات، لتثبيت أركانها، ولتوثيق تقدمية مجتمعها الحاضن. لكي تحصنه قدر استطاعتها من التراجعات المُخلة، والخيبات المُذلة.
والجمعية العمانية للكتاب والأدباء، هي واحدة من تلك المؤسسات المدنية التي أخذت على عاتقها المشاركة في بناء عمان ؛ حضارية، مدنية،يعيش فيها الإنسان متمتعاً بحقوق؛ العدل،المساواة،العزة، الكرامة،الهناءة، والسعادة. في مقابل تحفيز ذلك الإنسان على المشاركة في جهود التنمية؛ بوعي، ويقظة، وإيجابية.
وثق الكتاب النقاشات والمداولات في محوري الندوة وهما : "الكتابة.. مضامين وإشكاليات" الذي تناول الكتابة بأشكالها ومضامينها المختلفة سواء على مستوى الطرح الفكري المتنوع والمثير لإشكالات الرضا والسخط، أو على مستوى الصحافة والإعلام بأنواعها المكتوبة والمرئية، انتهاءً بمناقشة القوانين المحددة لهذا الجانب بالسلطنة ، أما المحور الثاني فهو" الكتابة في الفضاء المعلوماتي وحريتها بين المحدودية واللامحدودية" الذي ناقش جانب الكتابة في المواقع الإلكترونية مُتضمناً أهمية وجود منتديات تناقش القضايا الاجتماعية والسياسية، وجدوى هذا النقاش في إثراء الواقع المعاش، والارتقاء بالشفافية بين المواطن والمسئول، كذلك استعراض تجربة كتابة المدونات الإلكترونية، وطرح الرؤية القانونية حول النشر الإلكتروني بشكل عام
الجدير بالذكر أن هذه الندوة شارك في إثراء محوريها نقاشاً وحواراً ومداولات نخبة من الكتاب والإعلاميين والقانونيين وبعض مسؤولي الدولة .